عندما أركض .. فأنا أركض كالذي يتخبطه الشيطان من المس أو هكذا أحاول. مؤمن بأنه كلما كان الركض أسرع كلما خرج شيء من زفيرك و جاءت راحة نفسية من شهيقك.
أركض ليس لأنها رياضة و رشاقة فأحيانا أذهب إلى النادي و أركض في نفس اليوم على أوقات مختلفة. ليس نوع من الهوس الرياضي .. هو شيء أكبر.
المشي يمارسه الكثير .. ستيف جوبز مثلا كانت كثير من أهم اجتماعاته تتم عن طريق المشي الثنائي مع شخص ما بدل من الجلوس على طاولة للتفاوض. هناك شيء يزيت عملية الفاوض وقت المشي.
الركض هو حالة تأملية فريدة خاصة بالانسان وحده لا تتم مع أشخاص آخرين و لو تمت فستفسد حتماً. أذكر إني اقترحت على أحد الاصدقاء منذ زمن (و هو من الراكضين) أن نركض سويا فقال لا يمكن لأنك إما ستسبقني و ستخفف من وطأ قدمك أو العكس و كلا الحالتين غير مريحتين لأحد مننا. و هذا بالضبط ما رددته لاحقاً لكل من اقترح علي نفس الاقتراح.
تعرف .. الناس تحب أن ترتبط مع شخص يمارس روتين قديم كي تحفز نفسها أكثر. فالطالب سيفضل أن يدرس مع شخص له روتين طويل في الدراسة على شخص لا يخصص شيء للدراسة. و كذلك الرياضة و غيرها. سيكون مستوى الالتزام أكبر لأنه مرتبط مع شخض آخر سيقوم بالمهمة سواء حظرت أم لم تحظر.
الركض بالنسبة لي يمثل حالة من السلام النفسي لذلك هو شيء أكبر من الرياضة. هناك من يخفف من ضغوط الحياة (التي نمر بها جميعاً أنا و أنت) إما بالطعام أو الغضب أو أن يأكل نفسه من الداخل. أنا وجدت نفسي في الركض. و يجب أن تكون في الهواء الطلق. جو الحرارة عندنا الاستثنائي دفعني يوماً إلى شراء جهاز داخلي للركض و مع إني استخدمه بشكل جيد و لم أركنه كما يفعل ٩٩.٩٪ من الناس إلا إني لم أشعر بالمتعة أثناء إرتياده. نفس الحائط نفس المكان لا تغيير في المنظر لكنه كان الحل من جو الجحيم الذي ينتظري في حال لو فكرت أن أركض في الخارج في أيام الصيف الملتهبه. لكن مع هذا أصبح الجهاز مصدر تعاسة بالنسبة لي و أهديته لصديق و عدت أركض أدراجي في الهواء الطلق رغم قساوته. الراحة النفسية لا تقدر بثمن و لا بحرارة.
أعترف بأني كنت أتمنى أن تكون الكتابة كالركض. أعرف من الكتاب من يجد تفريغ ضغوط الحياة في الكتابة مثل الكتاب سويا أو أديب الرعب ستيفن كينج و أنا أفعل ذلك كما قلت لكن أداتي هي الركض. ليتني أستطيع عمل مثل ما يعملون سيكون أمر رائع بحق فالركض يتبخر إنتاجه أما الكتابة فتحافظ على النتيجة بعد العلاج.
الراكضون الكتاب كثر بلا شك و ليس هناك ارتباط بالمناسبة لكن كتاب محترمين مثل مالكوم قلادويل و هاروكي موراكامي يمارسون الركض بشكل يومي و هو جزء من جدولهم اليومي.
قد لا يكون الركض هو أفضل شيء يمكنك عمله لتسترد سلامك الداخلي لكني أحثك على أن تكون تلك العملية مفيدة لك .. كي لا يزيد الأمر سوء فلا تضغط نفسك أكثر بالدخان أو الطعام الرديء أو غيره. أنا وجدت الركض فماذا وجدت أنت؟