التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الذي اعتقد ثم برر

 

إعتدل صديقي بشكل ينم عن بدأه بحديث جدي و قال بثقة : قريباً تنتهي معاهدة لوزان و تنهض تركيا من جديد.

ما حدث بإختصار إن أحدهم نشر خبر بأن هناك معاهدة وضعت شروط قاسية على تركيا (و هذا صحيح) و بعد ١٠٠ سنة ستنتهي و ينهض المارد التركي ليكون في صف الدول المتقدمة! كلما أسمع أحدهم يتكلم عن هذه المعاهدة يجن جنوني بأنهم لازالوا يعيشون في قرن ما قبل قووقل!

سأتحدث عن معاهدة أهم من هذه ثم أعود إلى لوزان ألا و هي معاهدة فرساي التي وقعت سنة ١٩١٩. فبعد أن اشعلت ألمانيا الحرب العالمية الأولى اتفق الحلفاء المنتصرين أن يحملوها المسئولية مع شروط كبيرة قاسية (لا تقارن بلوزان) منها مالية و منها تقليص كبير بحجم القوة العسكرية الألمانية و أن يشكل العالم عصبة من الأمم لحل النزاعات الدولية وقد شاركت الدول المنهزمة في الحرب في هذا المؤتمر للتوقيع على المعاهدات التي يتفق عليها المنتصرون فقط!

لكن بعدها بأقل من عشرين سنة خالفت ألمانيا نفسها هذه المعاهدة و بنت أسطول عسكري أكبر من بريطانيا و فرنسا (إلى الآن لم تشتعل الحرب العالمية الثانية) و لم ينطق أحد المنتصرين بحرف و من جانب آخر قامت اليابان بغزو الصين فلما اعترضت الدول في عصبة الأمم جاء المندوب الياباني (موجود الفيديو على الانترنت) و قال جملة واحدة "نحن نرفض بيان عصبة الأمم" ثم أعطاهم ظهره و مشى خارج القاعة!

و معاهدة لوزان التي كانت قريبة من فرساي وقعت بين تركيا من جهةٍ بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان واليونان ورومانيا والبرتغال وبلغاريا وبلجيكا ويوغسلافيا من جهةٍ أخرى. وكانت معنية بترسيم حدود الامبراطورية العثمانية و قبول الأقليات في تركيا بحصولها على جميع الحقوق التركية و بالمقابل يتنازل الحلفاء المنصرين عن تعويضات هذا باختصار دون تحديد ١٠٠ سنة ولا تاريخ آخر.

إذا كانتا ألمانيا واليابان لم تتحملان الانتظار عشرين سنة , هل ستنتظر تركيا ١٠٠ سنة! ولا يتحدث حتى الأتراك عن ذلك و إنما هو مجرد خبر طار به الناس في الانترنت.

يقال بأنه رغم إن سرعة انتشار الاشاعة كبير في عصر الانترنت إلا إن سرعة نفيها أيضاً كبير , لكن يبدو إن هناك من يؤمن بالفكرة ثم يبحث لها عن تبريرات و لو كذبها المشاع عنه أصلاَ!