رغم أن كتاب (The Shallows) لنيكولاس كار يعتبر كتاب قديم نوعاً ما حيث إن عمره اليوم يتجاوز الخمس سنوات إلا إن المشكلة التي تم طرحها في الكتاب لازالت حاظرة. التشتت و عدم التركيز يزداد كل سنة و لا شك إن للانترنت دخل كبير في ذلك. من كان يتحمل قراءة كتاب اليوم يصعب عليه قراءة مقالة ثم صارت المقالة صعبة فتحول الناس إلى التغريدة التي بدورها صارت صعبة و تحول الناس إلى الصورة (انستقرام) ثم حتى الأقل بالمدة و الأسرع (سناب شات). هكذا أصبحت عقولنا لا تتحمل أي شيء دسم و لذلك أشعر بالشفقة الحقيقة على الطلبة الذين يرغمون على دراسة و قراءة كتب ضخمة إذ إن البيئة اليوم لا تساعد أبداً على التركيز حتى على الأقل من ذلك!
إن العقل و الحالة الذهنية تخضع للتدريب و التكييف فما نعانيه اليوم هو ما يسمى بـ العقل القردي Mnd Monkey حيث يبدو العقل كالقرد يقفز من مكان إلى آخر بلا أي تركيز.
مسألة أن تعود ذهنك على التركيز أمر جداً صعب و لا تحسب شيء سهل و هناك طرق لعمل ذلك:
١- نظف البيئة المحيطة فيك
يجب أن تحذف البرامج التي تعودك على هذا النوع من عدم التركيز. حذف تويتر , الانستقرام , سناب شات و غيره. يمكنك الاكتفاء بمشاهدتهم عن طريق الويب إذا كنت من النوع الذي يلغي البرامج ثم يعيدها مجدداً لعدم تحمله فيجب أن تلجأ لطريقة أكثر شدة و هي أن تطلب من أحد أن يقفل تلك التطبيقات لديك برقم سري لا يخبرك إياه مهما كانت الظروف. إذا كان الأمر يستحق (مثل أن تكون طالب دكتوراه و هو أمر حساس , أنصحك باستبدال هاتفك الذكي بواحد قديم غير ذكي لا يمكنك معه إلا عمل أشياء محدودة). قرأت مرة عن دكتور غزير الانتاج في الدراسات كان يخصص يوم كامل لعمل بحث بدل من الطريقة الشهيرة بتخصيص ساعات محددة كل يوم!
إذا كنت تريد توصيل معلومات بشكل مستمر إلى الناس في وسائل التوصل الاجتماعي يمكنك أن تبرمجها عن طريق تطبيق (بفر) دون الحاجة إلى الدخول إلى تلك الوسائل.
٢- ما هو البديل؟
يجب أن يكون هناك شيء بديل في الوقت الذي ظهر لك فجأة! هل ستستبدل ذلك بقراءة كتب مكدسة؟ تطور و تتعلم هواية جديدة؟ ربما لغة جديدة؟؟ أو تبدأ بممارسة الرياضة و تقضي بقية الوقت الزائد بعمل طعام صحي خاص بك؟ أم تتعلم التمتع باللحظة؟ أو ربما قضاء وقت أكبر باللعب مع الأطفال؟
٣- حاول أن تمارس العادة الجديدة في مكان عام
في دراسة قرأتها مرة إن الناس تصبح أكثر تركيز و انتاجية في المقهى .. بسبب نظرات الناس لها .. جرب تذهب إلى مقهى (متوسط الهدوء) لأن حتى الضوضاء البسيطة في المقهى لها تأثير إيجابي ((((على بعض الناس))) جرب أن تصحب معك كتاب أو مقالات مطبوعة كي لا يجرك الهاتف إلى أمر آخر و تقرأ في المقهى .. حاول أن لا تأخذ معك أي شيء إلكتروني .. حتى الجوال .. أبلغ أهلهك إن الجوال لن يكون معك .. لا تخاف لن يتوقف العالم إذا لم تصحب جوالك معك (لا أحتاج إلى أن أخبرك إلى إن المادة التي ستأخذها معك يجب أن تكون ممتعة و إلا زدت الطين بله).
٤- يحتاج الأمر إلى بعض الصبر.
ستعاني من أعراض انسحابية لوضعك الجديد لذلك تحتاج إلى أن تصبر ما بين ١٨ يوم إلى ٢٥٤ يوم عند البعض الآخر و في الغالب تركز العادة الجديدة معك خلال ٦٦ يوم.
٥- تعلم عيش اللحظة.
هناك الكثير مما كتب عن ذلك فالأمس ذهب و الغد لن يأتي و كل ما لديك في حياتك هو هذه اللحظة. إقرأ أكثر في كتب إيكارت تولي.
تذكر إن اليوم رغم إن المشتتات كثيرة و الأمر صعب للغاية إلا إن المنافسة في أي مجال صارت أقل حدة من الماضي , تخيل الناس تغرق في بحيرة التشتت و قلة من يستطيع أن ينجو منها.
المزيد حول هذا الموضوع في هذا الفيديو