التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السفر بأقل شيء ممكن



في البدء .. نعم أنا من مناصر للتقليل (minimalism) و الداعي بشدة إلى ذلك و إن لم أصل إلى مستوى الطموح لكني في مستوى جيد و لله الحمد. 

أذكر قبل عقد كنت حينما أسافر أحمل تلك الشنطة الكبيرة التي تكاد تكون غرفة كاملة بداخل حقيبة و أذهب و أعود بذات التخمة و الغريب إني لا أستخدم منها شيء! أهو القلق من الحاجة لإستخدام شيء و لا أجده حولي؟

قبل سنوات قريبه حتى سافرت إلى أوربا مع العائلة و لازلت أذكر شكلي متسمر كالأصنام أمام الحقائب التي افترضت إنها قليلة و لم أستطع أن أدخلها في السيارة إلا بشق الأنفس و كان إخراجها و إعادة إدخالها بلا مبالغ نوع من الألغاز لا أحبه .. و الحقيقة ما زال الذين يسافرون بحقائب كبيرة يدهشوني بقدرتهم على إدخال كل ذلك في أي سيارة مهما كان حجمها مالم ترتقي إلى مستوى الحافه (الباص)!

ثم سافرت وحدي لمرات بحقيبة .. لا ليست حقيبة الظهر التي ترى الناس تترحل فيها مثل هذه:



 بل حقيبة عادية جداً .. سافرت بتلك التي اشتريتها بعشرة دنانير كويتية و كانت حتى خارج موسم التنزيلات:


 لدي في خزانتي الإلكترونية (Google Drive)  قائمة بالأشياء التي سوف أحتاجها في السفر و أسجل في القائمة كل شيء حتى جواز السفر .. فلا أضع نفسي تحت ظل القلق من نسيان شيء لأن القائمة موجودة أقوم بطابعتها قبل السفر و أشطب ما أضعه في الحقيبة .. و صدق أو لا تصدق .. في جميع سفراتي هناك أشياء جلبتها معي و لم أستخدمها رغم صغر الحقيبة. يجب أن تكون لديك قائمة ترجع لها دائماً .. حبذا تكون إلكترونية.

هناك سر في الحقيبة و هي إنها تحتوي على حقيبة مصغرة قابلة للتكبير إحتياطاً ربما أحتاج إلى حقيبة إضافية (عادة لا أحتاج) ولكن كخطة رقم ٢. نعم أنا مهووس بالخطط الإحتياطية .. شيء يقلل من القلق كثيراً.

لماذا تكفي حقيبة صغيرة؟

أتكلم كرجل .. الأشياء التي نحتاجها معدودة .. الدول فيها كل شيء , طفلتي الصغيرة مثلاً كانت تشرب نوع خاص من الحليب و لذلك أحظرت كميه كبيرة من علب هذا الحليب معي حينما سافرت إلى تايلند أول مرة. ظننت لكونها دولة فقيرة لن أجد شيء. خاب ظني لحسن الحظ, البلد فيها كل ما تتخيل من أشياء .. كل ما جلبته معي كان موجود في المحلات العادية حتى! لماذا؟ لأننا في الغالب نستخدم منتجات شركات عالمية (فيكس .. دوف .. جيليت .. تايد .. نستله .. كرافت) الشركات لا تحاول أن تستعجل في الدخول على أكبر قدر من الأسواق .. كي تبقى هي الأصل في استخدام الشعوب و كذلك كنوع من مصادر الدخل الإضافية لها. نحن في الكويت مثلاً نطلق على أي محارم ورقية لقب (كلينيكس) رغم إن هذا مجرد إسم للعلامة التجارية الأولى التي دخلت منطقتنا!

أمر أخير و مهم .. لو سكنت في فندق فالفنادق ستوفر لك أشياء توفر عليك غالب ما يمكن وضعه في الحقيبة .. قهوه , فوط , معجون أسنان , فرشاة , معجون حلاقة , أدوات حلاقة ..إلخ. لماذا تضطر أن تحمل معك كل ذلك؟! إلا إن كنت مهوس بالنظافة مثلاً فلا تغادر أرضك.

آه لحظة أمر أخير .. هناك (صدق أو لا تصدق) من يسافر و معه أكله سواء للطبخ في الغربه أو أشياء جاهزة. لمجرد إنه لا يريد أن ينقطع عن الأشياء التي يحبها. أين الفائدة من السفر؟ في تجربة الجديد؟ في التغيير؟ في كسر الروتين؟ هذه الأشياء بالضرورة يكون الطعام أحد عناصرها المهمه.