التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا لا نقاطع إلا بالقوة؟ حالة كي دي دي




بعد أن قربتنا وسائل التواصل الإجتماعي .. إكتشف الناس في الكويت إن شركة كي دي دي التي تصنع منتجاتها محلياً .. تبيع منتجاتها في الخارج بسعر أقل من سعر الكويت (بلد المنشأ)!! فماذا حدث؟
 
وفقاً لنظرية الألعاب و هي أحدى نظريات السلوك الاقتصادي تعتمد على توقعات الطرف الآخر للقيام بخطوتك أنت , و هي طويلة و متفرعة و تدخل فيها الرياضيات (تستطيع أن تشاهدها باستمتاع أكثر من خلال فلم  A beautiful mind حيث تمثل شخصية الفائز بنوبل للإقتصاد فيها).

في أحد أمثلة هذه النظرية ما يسمى بمعضلة السجينين .. وتقوم اللعبة على وضع سجينان في مكانين منعزلين والبدء باستجوابهما, ثم ضع خيارات أمام كل سجين .. الخيار الأول: لو صمت الطرفين سيخرجان براءة .. الخيار الثاني: لو إعترف واحد و سكت الثاني فإن المعترف سيأخذ حكم سجن ٥ سنوات و الذي سكت سيسجن ١٥ سنة .. الخيار الثالث: لو إعترف الطرفان فإن كل منهما سيأخذ حكم بالسجن ١٠ سنوات .. لاحظ إن هناك فرصة ذهبية بأن يصمتا و لكن لا يمكن الوثوق بأن الطرف الآخر سيصمت أيضاً!

نفس النظرية هنا تنطبق على مقاطعة منتجات كي دي دي .. لأنها سلعة مرنة و ليست سلعة دوائية مهمة جداً أو سلعة غذائية لا غنى عنها مثل الخبز فإن خيار المقاطعة ليس خيار مصيري و لكنه مهم لرفع درجة المتعة اللاحقة بالمستهلك..

لكن أين المشكلة هنا مع هذا النوع من السلع المرنة أو الثانوية؟ 

المشكلة إن المستهلك مثله مثل السجين المنعزل .. لو قاطع أحد المستهلكين منتجات كي دي دي .. فإنه سيحرم نفسه من متعة هذه المنتجات التي تعود عليها منذ الطفولة .. لكن لو خفض سعرها نتيجة للمقاطعة (الشعبية) فإنه متعته ستزداد ..

الآن هذا المستهلك المقاطع سيشكك في قرارة نفسه عن مدى جدية بقية المستهلكين .. هل هم يقاطعون معه نفس الشركة؟ هل هناك من يدعي إنه مقاطع و لكنه في الباطن يخونهم و يشتري منتجات كي دي دي؟ ماذا لو استمر هذا المستهلك في مقاطعته للمنتج و من ثم لم يتغير سعر منتجات كي دي دي ؟! معناته إنه ضحى بمتعته مقابل خيانة بقية المستهلكين له .. 

و بفضل هذه الشك بين المستهلكين تنجح شركة كي دي دي في عملية زيادة أسعارها .. حتى و إن تجرعت الكثير من الخسائر .. فلو فقط تظاهرت بأنها لم تتأثر و إن بقية المستهلكين يخونون عملية المقاطعة فإنها في النهاية ستنجح

لكن ماذا حديث في الكويت؟ 

الكويتيين يعتمدون بشكل أساسي على الشراء من أماكن تسوق تسمى بالجمعيات التعاونية .. و هي منفذ أي تاجر يريد الوصول إلى جيب المواطن و زيادة أرباحه .. هذه الجمعيات تعمل تحت مظلة إتحاد .. هذا الإتحاد طلب من الجمعيات رفض التعامل مع منتجات هذه الشركة .. عدد الجمعيات التعاونية يقارب الخمسين جمعية في بلد صغير مثل الكويت .. تخيل الضرر الذي أصاب شركة كي دي دي ..

صار المستهلك يعلم يقيناً إن البقية لن تخونه .. أو على أقل تقدير ((أكسل)) من أن يخونون عملية المقاطعة .. حيث إن الذهاب إلى متجر بعيد لشراء عصير أمر غبي أو لا يستحق العناء .. بالذات مع السلع المرنة .. 

لذلك يقول البعض بأن رفع الأسعار لم يقتصر على هذه الشركة أو إن هناك شركات أخرى كويتية المنشأ تبيع منتجاتها خارج الكويت بسعر أقل .. أو دعوا الحرية للمستهلك يختار المنتج الأرخص إن أراد

صحيح الحرية للمستهلك أمر جيد و لكن هل ستستمر بقية الشركات على أسعارها عندما لا تجد ردة فعل قوية اتجاه من رفع سعره أو يبيع منتجات محلية في الخارج بسعر أقل؟
بالطبع لا بل ستنضم لقافلة رفع الأسعار .. لكن من الأفضل دائماً أن تكون المقاطعة بفرض القوة و ليس من خلال حرية الاختيار 

لكن في البداية لماذا تبيع كي دي دي منتجاتها التي تصنعها في الكويت بسعر أغلى من السعر المباع في الخارج؟؟ سأجاوب على هذا في موضوع آخر