التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شركات ذات راحة محدودة


أشعر بنوع من القلق عند تعطل سيارتي القديمة , أتوقع أن مثل هذا النوع من القلق أمر طبيعي جداً يمر فيه الناس. القلق الذي يدفعك للدخول في منطقة مجهولة بالنسبة لك. نفس القلق الذي قد يصيب أي شخص يريد أن يبني بيت جديد. العامل المشترك هنا هو أنت تدخل منطقة فيها معلومات كثيرة لن تحتاجها إلا مرات نادرة في حياتك إلا إن كانت تستهويك أو كانت مجال عملك. في الغالب يتعلم الشخص الذي يريد بناء بيته الكثير جداً من المعلومات الدقيقة (الاسنمنت, القواعد, المدة الزمنية, الموافقات الحكومية, التمديدات الكهربائية, الأصباغ, التركيبات .. ال...إلخ) ثم لا يعود لاستخدامها مرة أخرى في حياته. حتى الرياضيات ليست بهذا السوء من عدم استخدامها مجدداً بعد الدراسة!

أشعر بشعور القلق عندما أمر بهذا النوع من التجارب. أشعر بأن هناك عمليات نصب تنتظر كل من يحاول الإقتراب من هذا المجال فحجتك ضعيفة عندما تجادل متخصص في مجال أنت لا تدري فيه إلا القشور. 

أنا و بحكم دراستي أقيسها من خلال حوافز النصب ..

سأهرب من الذي يريد تعظيم منفعته بشكل كبير و مباشر. لذلك تجدني غالباً أهرب من مقاولين البناء و ملاك الكراجات العاملين فيها, هؤلاء حوافز (الشفط المالي) و تعظيم أرباحهم مرتفعة للغاية ولا يتحرج كثير منهم من اللجوء إلى النصب مستغلاً جهلك في هذا التخصص. من جانب آخر هناك بديل و هي شركات كبرى في هذا المجال. مثلاً عندما تتعطل سيارتي فإني أذهب مباشرة إلى (كراج الغنام) و ذلك لأني أراها حسابياً كالتالي: 

الغنام تاجر محترم و كبير بالسن و لا يتابع عمليات الصيانة في الكراج بنفسه, يتمنى أن يعظم أرباحه من خلال رفع خدمات الصيانة عن الكراجات الصغيرة و لكن أيضاً لديه حافز تعظيم علامته التجارية و سمعته في السوق, لذلك لن يسعى لاستغلالك و في المقابل الفني لا يأخذ أرباحه منك مباشرة و إنما من خلال راتب يمر بهيكل الشركة و قسم المحاسبة فيه. 

قد يقول قائل إنه في النهاية قد يكون سعر الصيانة المرتفع عن الكراج العادي متساوي مع نصب الكراج العادي. نعم قد يكون ذلك و لكن في النهاية ستكون قد اشتريت راحة بالك و لا تؤنبك نفسك بشعور سلبي (كالغباء) بأنك وقعت تحت عملية نصب نتيجة قلة حيلتك في هذا المجال المجهول.